فصل: باب زكاة الغنم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب زكاة البقر

قدمت على الغنم لقربها من الإبل في الضخامة حتى شملها اسم البدنة بحر ‏(‏قوله كالثور إلخ‏)‏ هو ذكر البقر قاموس‏:‏ أي كما سمي الثور ثورا لأنه يثير الأرض‏:‏ أي يحرثها‏.‏ قال في المغرب ‏{‏وأثاروا الأرض‏}‏ حرثوها وزرعوها، وسميت البقرة المثيرة لأنها تثير الأرض‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والتاء للوحدة‏)‏ أي لا للتأنيث فيشمل الذكر والأنثى كما في البحر ‏(‏قوله والجاموس‏)‏ هو نوع من البقر كما في المغرب، فهو مثل البقر في الزكاة والأضحية والربا، ويكمل به نصاب البقر، وتؤخذ الزكاة من أغلبها، وعند الاستواء يؤخذ أعلى الأدنى وأدنى الأعلى نهر‏.‏ وعلى هذا الحكم البخت والعراب والضأن والمعز ابن ملك ‏(‏قوله بخلاف عكسه‏)‏ أي المتولد من أهلي ووحشية؛ لأن المعتبر الأم ‏(‏قوله‏:‏ ووحشي‏)‏ بالجر عطفا على عكسه ‏(‏قوله‏:‏ فإنه لا يعد في النصاب‏)‏؛ لأنه ملحق، بخلاف الجنس كالحمار الوحشي وإن ألف فيما بيننا لا يلحق بالأهلي حتى يبقى حلال الأكل بحر ‏(‏قوله‏:‏ ثلاثون‏)‏ ذكورا كانت أو إناثا وكذا الجواميس كما في البرجندي إسماعيل ‏(‏قوله‏:‏ سائمة‏)‏ نعت لثلاثون فهو مرفوع ويجوز النصب على التمييز ح فلو علوفة فلا زكاة فيها إلا إذا كانت للتجارة فلا يعتبر فيها العدد بل القيمة ‏(‏قوله‏:‏ غير مشتركة‏)‏ فلو مشتركة لا تزكى لنقصان نصيب كل منهما عن النصاب وإن صحت الخلطة فيه كما سيأتي بيانه في باب زكاة المال ‏(‏قوله‏:‏ وفيها تبيع‏)‏ نص على الذكر لئلا يتوهم اختصاصه بالأنثى كما في الإبل ‏(‏قوله‏:‏ كاملة‏)‏ قيد به ليوافق قوله وغيره طعن في الثانية؛ لأنه إذا تمت السنة لزم طعنه في الثانية فلا مخالفة أفاده الشيخ إسماعيل ‏(‏قوله‏:‏ مسن‏)‏ بضم الميم وكسر السين مأخوذ من الأسنان‏:‏ وهو طلوع السن في هذه السنة لا الكبر قهستاني عن ابن الأثير ط ‏(‏قوله‏:‏ بحسابه‏)‏ أي لا يكون عفوا بل يحسب إلى ستين، ففي الواحدة الزائدة ربع عشر مسنة، وفي الثنتين نصف عشر مسنة درر ‏(‏قوله بحر عن الينابيع‏)‏ عزاه في البحر إلى الإسبيجابي وتصحيح القدوري وليس فيه ذكر الينابيع‏.‏ وفي النهر وهي أعدل كما في المحيط وفي جوامع الفقه المختار قولهما، وفي الينابيع والإسبيجابي وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ثم في كل ثلاثين إلخ‏)‏ فيتغير الواجب بكل عشرة، ففي سبعين تبيع ومسنة، وفي ثمانين مسنتان، وفي تسعين ثلاث أتبعة، وفي مائة تبيعان ومسنة، فعلى ما ذكروه مدار الحساب على الثلاثينات والأربعينات ط عن القهستاني ‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا تداخلا‏)‏ أي التبيعات والمسنات بأن كان العدد يصح أن يعطى فيه من هذه أو هذه ط ‏(‏قوله‏:‏ وهكذا‏)‏ أي الحكم على هذا المنوال، ففي مائتين وأربعين ثمانية أتبعة أو ست مسنات‏.‏

باب زكاة الغنم

الغنم محركة‏:‏ الشاء لا واحد لها من لفظها الواحدة شاة، وهو اسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والإناث قاموس وفيه الشاة الواحدة من الغنم للذكر والأنثى، وتكون من الضأن والمعز والظباء والبقر والنعام وحمر الوحش والمرأة جمعه شاء وشياه وشواه إلخ ‏(‏قوله‏:‏ مشتق من الغنيمة‏)‏ أي بينهما اشتقاق أكبر كما مر في الإبل فافهم، وذكر الضمير وإن كانت الغنم مؤنثة كما علمت؛ لأن المراد هنا اللفظ ‏(‏قوله‏:‏ لأنه إلخ‏)‏ علة مقدمة على معلولها، وقوله آلة الدفاع‏:‏ أي الدفع عن نفسها، ولا ينافي وجود آلة لها غير دافعة كقرونها ط ‏(‏قوله ضأنا أو معزا‏)‏ بسكون الهمزة والعين وفتحهما جمع ضائن كذا في القاموس والكشاف، وهو مذهب الأخفش، والصحيح مذهب سيبويه أن كلا منهما اسم جنس يقع على القليل والكثير والذكر والأنثى والضأن ما كان من ذوات الصوف والمعز من ذوات الشعر قهستاني ط ‏(‏قوله‏:‏ فإنهما سواء‏)‏؛ لأن النص ورد باسم الشاة والغنم وهو شامل لهما نهر ‏(‏قوله‏:‏ في تكميل النصاب‏)‏ فإن نقص نصاب الضأن وعنده من المعز ما يكمله أو بالعكس وجبت فيه الزكاة، وكذا لو كان المعز نصابا تاما تجب فيه ‏(‏قوله‏:‏ والأضحية‏)‏ أي تجزئ منهما إلا أنها تجوز بالجذع وأما أخذه في الزكاة ففيه الخلاف الآتي ‏(‏قوله‏:‏ والربا‏)‏ فلا يجوز بيع لحم الضأن بلحم المعز متفاضلا ح ‏(‏قوله‏:‏ لا في أداء الواجب‏)‏؛ لأن النصاب إذا كان ضأنا يؤخذ الواجب من الضأن ولو معزا فمن المعز، ولو منهما فمن الغالب، ولو سواء فمن أيهما شاء جوهرة‏:‏ أي فيعطي أدنى الأعلى أو أعلى الأدنى كما قدمناه في الباب السابق ‏(‏قوله‏:‏ والأيمان‏)‏ فإن من حلف لا يأكل لحم الضأن لا يحنث بأكل لحم المعز للعرف ح أي فإن الضأن غير المعز في العرف ‏(‏قوله‏:‏ وما بينهما عفو‏)‏ أي ما بين كل نصاب ونصاب فوقه عفو لا شيء فيه زائدا، فما زاد على أربعين شاة مثلا إلى المائة والعشرين لا شيء فيه إذا اتحد المالك، فلو مشتركة بين ثلاثة أثلاثا فعلى كل شاة‏.‏ قال في البحر‏:‏ ولو كانت لرجل فليس للساعي أن يفرقها ويجعلها أربعين أربعين، فيأخذ ثلاث شياه؛ لأنه باتحاد المالك صار الكل نصابا، ولو كان بين رجلين أربعون شاة لا تجب على واحد منهما الزكاة، وليس للساعي أن يجمعها ويجعلها نصابا ويأخذ الزكاة منها؛ لأن ملك كل واحد منهما قاصر عن النصاب ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وهو ما تمت له سنة‏)‏ أي ودخل في الثانية، كما في الهداية وسائر كتب الفقه‏.‏ والمذكور في الصحاح والمغرب وغيرهما من كتب اللغة أنه من الغنم ما دخل في السنة الثالثة، كذا في البرجندي، ولذا قال الزيلعي‏:‏ هذا على تفسير الفقهاء‏.‏ وعند أهل اللغة‏:‏ ما طعن في الثالثة إسماعيل ‏(‏قوله‏:‏ لا الجذع‏)‏ بالتحريك قاموس ‏(‏قوله‏:‏ وهو ما أتى عليه أكثرها‏)‏ كذا في الهداية والكافي والدرر، وقيل ما له ثمانية أشهر، وقيل سبعة؛ وذكر الأقطع أنه عند الفقهاء ما تم له ستة أشهر‏.‏ قال في البحر‏:‏ وهو الظاهر ‏(‏قوله على الظاهر‏)‏ راجع إلى قوله لا الجذع فإن عدم إجزائه هو ظاهر الرواية صرح به في البحر ح ‏(‏قوله من الضأن‏)‏ قيد به؛ لأن المعز لا خلاف أنه لا يؤخذ فيه إلا الثني بحر عن الخانية ‏(‏قوله ذكره الكمال‏)‏ وأقره في النهر، لكن جزم في البحر وغيره بظاهر الرواية، وفي الاختيار أنه الصحيح ‏(‏قوله‏:‏ والجذع من البقر إلخ‏)‏ وأما الجذع من المعز فقال في البحر لم أره عند الفقهاء، وإنما نقلوا عن الأزهري أنه ما تم له سنة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن لا يصح أن يكون مراد الفقهاء؛ لأنه بهذا المعنى ثني عندهم كما تقدم في كلام الشارح فالظاهر أنه لا فرق عندهم في الجذع بين الغنم والمعز ‏(‏قوله‏:‏ ولا شيء في خيل سائمة‏)‏ في المغرب‏:‏ الخيل اسم جمع للعراب والبراذين ذكورهما وإناثهما ا هـ‏.‏ وقيد بالسائمة؛ لأنها محل الخلاف، أما التي نوى بها التجارة فتجب فيها زكاة التجارة اتفاقا كما يأتي ‏(‏قوله‏:‏ عندهما‏)‏ لما في الكتب الستة من قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «ليس على المسلم في عبده وفرسه صدقة» زاد مسلم‏:‏ «إلا صدقة الفطر‏}‏ وقال الإمام‏:‏ إن كانت سائمة للدر والنسل ذكورا وإناثا وحال عليها الحول وجب فيها الزكاة، غير أنها إن كانت من أفراس العرب خير بين أن يدفع عن كل واحدة دينارا وبين أن يقومها ويعطي عن كل مائتي درهم خمسة دراهم، وإن كانت من أفراس غيرهم قومها لا غير، وإن كانت ذكورا أو إناثا فروايتان أشهرهما عدم الوجوب، كذا في المحيط‏.‏ وفي الفتح‏:‏ الراجح في الذكور عدمه، وفي الإناث الوجوب وأجمعوا أنها لو كانت للحمل والركوب أو علوفة فلا شيء فيها، وأن الإمام لا يأخذها جبرا نهر ‏(‏قوله‏:‏ وعليه الفتوى‏)‏ قال الطحاوي‏:‏ هذا أحب القولين إلينا، ورجحه القاضي أبو زيد في الأسرار‏.‏ وفي الينابيع وعليه الفتوى وفي الجواهر‏:‏ والفتوى على قولهما‏.‏ وفي الكافي‏:‏ هو المختار للفتوى، وتبعه الزيلعي والبزازي تبعا للخلاصة وفي الخانية قالوا‏:‏ الفتوى على قولهما تصحيح العلامة قاسم‏.‏ قلت‏:‏ وبه جزم في الكنز، لكن رجح قول الإمام في الفتح‏.‏ وأجاب عن دليلهما المار تبعا للهداية بأن المراد فيه فرس الغازي، وحقق ذلك بما لا مزيد عليه، واستدل للإمام بالأدلة الواضحة، ولذا قال تلميذه العلامة قاسم‏:‏ وفي التحفة الصحيح قوله، ورجحه الإمام السرخسي في المبسوط والقدوري في التجريد‏.‏ وأجاب عما عساه يورد على دليله وصاحب البدائع وصاحب الهداية، وهذا القول أقوى حجة على ما شهد به التجريد والمبسوط وشرح شيخنا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ الأصح لا‏)‏ وقيل ثلاث، وقيل خمس قهستاني ‏(‏قوله‏:‏ ليست للتجارة‏)‏ أي هذه الثلاثة‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فلا كلام‏)‏ أي لا كلام يتعلق بنفي زكاة التجارة موجود ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ ولا في عوامل‏)‏ أي التي أعدت للعمل كإثارة الأرض بالحراثة وكالسقي ونحوه‏.‏ زاد في الدرر الحوامل‏:‏ وهي التي أعدت لحمل الأثقال وكأن المصنف نظر إلى أن العوامل تشملها ‏(‏قوله‏:‏ وعلوفة‏)‏ بالفتح ما يعلف من الغنم وغيرها الواحد والجمع سواء مغرب‏.‏ قال في البحر‏:‏ وقدمنا عن القنية أنه لو كان له إبل عوامل يعمل بها في السنة أربعة أشهر ويسيمها في الباقي ينبغي أن لا تجب فيها زكاة‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ما لم تكن العلوفة للتجارة‏)‏ قيد بالعلوفة؛ لأن العوامل لا تكون للتجارة وإن نواها لها كما في النهر أي؛ لأنها مشغولة بالحاجة الأصلية ‏(‏قوله‏:‏ وحمل وفصيل وعجول‏)‏ في النهر‏:‏ الحمل ولد الشاة في السنة الأولى والفصيل ولد الناقة قبل أن يصير ابن مخاض‏.‏ والعجول‏:‏ ولد البقرة حين تضعه أمه إلى شهر كما في المغرب ‏(‏قوله‏:‏ وصورته إلخ‏)‏ أي إذا كانت له سوائم كبار وهي نصاب فمضت ستة أشهر مثلا فولدت أولادا ثم ماتت وتم الحول على الصغار لا تجب الزكاة فيها عندهما وعند الثاني تجب واحدة منها، والمراد من النصاب خمس وعشرون إبلا وثلاثون بقرا وأربعون غنما، وأما ما دون خمس وعشرين إبلا فلا شيء فيه اتفاقا؛ لأن الثاني أوجب واحدة منها ولا يتصور فيما دون هذا المقدار، وتمامه في الاختيار‏.‏ وفي القهستاني عن التحفة‏:‏ الصحيح قولهما ‏(‏قوله‏:‏ إلا تبعا لكبير‏)‏ قال في النهر‏:‏ والخلاف، أي المذكور آنفا مقيد بما إذا لم يكن فيها كبار، فإن كان كما إذا كان له مع تسع وثلاثين حملا مسن، وكذلك في الإبل والبقر كانت الصغار تبعا للكبير ووجب إجماعا كذا في الدراية‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ويجب ذلك الواحد ولو ناقصا فلو جيدا يلزم الوسط‏)‏ كذا في بعض النسخ، وفي بعضها ويجب ذلك الواحد ما لم يكن جيدا فيلزم الوسط، وهذه النسخة أحسن ‏(‏قوله‏:‏ وهلاكه يسقطها‏)‏ أي لو هلك الكبير بعد الحول بطل الواجب عندهما، وعند الثاني يجب في الباقي تسعة وثلاثون جزءا من أربعين جزءا من حمل نهر، ولو هلك الحملان وبقي الكبير يؤخذ جزء من أربعين جزءا منه بدائع ‏(‏قوله ولو تعدد الواجب إلخ‏)‏ بيانه إذا كان له مسنتان ومائة وتسعة عشر حملا فإنه يجب مسنتان في قولهم‏:‏ أما لو كان له مسنة ومائة وعشرون حملا وجبت مسنة واحدة عندهما‏.‏ وقال الثاني مسنة، وحمل، وعلى هذا لو كان له تسعة وخمسون عجولا وتبيع نهر عن غاية البيان ‏(‏قوله‏:‏ ولا في عفو‏)‏ هذا قولهما، وهو أن الواجب في النصاب لا في العفو‏.‏ وقال محمد وزفر الواجب عن الكل وأثر الخلاف يظهر فيمن ملك تسعا من الإبل فهلك بعد الحول منها أربعة لم يسقط شيء على الأول، ويسقط على الثاني أربعة أتساع شاة، وكذا لو كان له مائة وعشرون شاة فهلك منها ثمانون يسقط على الثاني ثلثا شاة منها، وتمامه في الزيلعي ‏(‏قوله‏:‏ وخصاه بالسوائم‏)‏ أي خص الصاحبان العفو بها دون النقود؛ لأن ما زاد على مائتي درهم لا عفو فيه عندهما بل يجب فيما زاد بحسابه، أما عند أبي حنيفة فإن الزائد عليها عفو ما لم يبلغ أربعين درهما ففيها درهم آخر كما سيأتي ‏(‏قوله‏:‏ ولا في هالك إلخ‏)‏ أي لا تجب الزكاة في نصاب هالك بعد الوجوب‏:‏ أي بعد مضي الحول بل تسقط وإن طلبها الساعي منه فامتنع حتى هلك النصاب على الصحيح‏.‏ وفي الفتح أنه الأشبه بالفقه؛ لأن للمالك رأيا في اختيار محل الأداء بين العين والقيمة والرأي يستدعي زمانا ‏(‏قوله‏:‏ ومنع الساعي‏)‏ عطف على وجوبها ح ‏(‏قوله‏:‏ لتعلقها بالعين‏)‏؛ لأن الواجب جزء من النصاب فيسقط بهلاك محله كدفع العبد بالجناية يسقط بهلاكه هداية ‏(‏قوله‏:‏ وإن هلك بعضه‏)‏ أي بعض النصاب سقط حظه‏:‏ أي حظ الهالك‏:‏ أي سقط من الواجب فيه بقدر ما هلك منه ‏(‏قوله ويصرف الهالك إلى العفو إلخ‏)‏ أقول‏:‏ أي لو كان عنده ثلاث نصب مثلا وشيء زائد مما لا يبلغ نصابا رابعا فهلك بعض ذلك يصرف الهالك إلى العفو أولا، فإن كان الهالك بقدر العفو يبقى الواجب عليه في الثلاث نصب بتمامه، وإن زاد يصرف الهالك إلى نصاب يليه‏:‏ أي إلى النصاب الثالث ويزكي عن النصابين، فإن زاد الهالك على النصاب الثالث يصرف الزائد إلى النصاب الثاني وهكذا إلى أن ينتهي إلى الأول، ومقتضى ما مر أنه إذا نقص النصاب يسقط عنه حظه ويزكي عن الباقي بقدره تأمل، ثم إن هذا قول الإمام رضي الله عنه‏.‏ وعند أبي يوسف يصرف الهالك بعد العفو الأول إلى النصب شائعا‏.‏ وعند محمد إلى العفو والنصب لما مر من تعلق الزكاة بهما عنده‏.‏ قال في الملتقى وشرحه للشارح، فلو هلك بعد الحول أربعون من ثمانين شاة تجب شاة كاملة عندهما، وعند محمد نصف شاة‏.‏ ولو هلك خمسة عشر من أربعين بعيرا تجب بنت مخاض لما مر أن الإمام يصرف الهالك إلى العفو ثم إلى نصاب يليه ثم وثم‏.‏ وعند أبي يوسف خمسة وعشرون جزءا من ستة وثلاثين جزءا من بنت مخاض لما مر أنه يصرف الهالك بعد العفو الأول إلى النصب‏.‏ وعند محمد نصف بنت لبون وثمنها، لما مر أنه يعلق الزكاة بالنصاب والعفو‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي البحر‏:‏ ظاهر الرواية عن أبي يوسف كقول الإمام ‏(‏قوله‏:‏ بخلاف المستهلك‏)‏ أي بفعل رب المال مثلا ط ‏(‏قوله‏:‏ بعد الحول‏)‏ أما قبله لو استهلكه قبل تمام الحول فلا زكاة عليه لعدم الشرط، وإذا فعله حيلة لدفع الوجوب كأن استبدل نصاب السائمة بآخر أو أخرجه عن ملكه ثم أدخله فيه، قال أبو يوسف لا يكره؛ لأنه امتناع عن الوجوب لا إبطال حق الغير‏.‏ وفي المحيط أنه الأصح‏.‏ وقال محمد‏:‏ يكره، واختاره الشيخ حميد الدين الضرير؛ لأن فيه إضرارا بالفقراء وإبطال حقهم مآلا، وكذا الخلاف في حيلة دفع الشفعة قبل وجوبها‏.‏ وقيل الفتوى في الشفعة على قول أبي يوسف، وفي الزكاة على قول محمد، وهذا تفصيل حسن شرح درر البحار‏.‏ قلت‏:‏ وعلى هذا التفصيل مشى المصنف في كتاب الشفعة، وعزاه الشارح هناك إلى الجوهرة، وأقره وقال‏:‏ ومثل الزكاة الحج وآية السجدة ‏(‏قوله‏:‏ لوجود التعدي‏)‏ علة لقوله بخلاف المستهلك فإنه بمعنى تجب فيه الزكاة ‏(‏قوله‏:‏ ومنه إلخ‏)‏ أي من الاستهلاك المفهوم من المستهلك‏.‏ قال في النهر‏:‏ وهو أحد قولين‏.‏ والقول الآخر أنه لا يضمن؛ لأنه لو فعل ذلك في الوديعة لا يضمن فكذا هنا‏.‏ والذي يقع في نفسي ترجيح الأول، ثم رأيته في البدائع جزم به ولم يحك غيره‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومن الاستهلاك ما لو أبرأ مديونه الموسر، بخلاف المعسر على ما سيأتي قبيل باب العاشر ‏(‏قوله‏:‏ والتوى‏)‏ بالقصر أي الهلاك مبتدأ خبره هلاك ‏(‏قوله‏:‏ بعد القرض والإعارة‏)‏ الأصوب الإقراض‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وإقراض النصاب الدراهم بعد الحول ليس باستهلاك، فلو توى المال على المستقرض لا تجب‏:‏ أي الزكاة، ومثله إعارة ثوب التجارة‏.‏ ا هـ‏.‏ والتوى هنا‏:‏ أن يجحد ولا بينة عليه أو يموت المستقرض لا عن تركة ‏(‏قوله واستبدال‏)‏ بالجر عطفا على القرض‏.‏ ا هـ‏.‏ ح؛ لأن المعنى أنه لو استبدل مال التجارة بمال التجارة ثم هلك البدل لا تجب الزكاة؛ لأنه ليس باستهلاك، فعلى هذا لا يصح كونه مرفوعا عطفا على التوى لاستلزامه أن يكون نفس الاستبدال هلاكا، وليس كذلك لقيام البدل مقام الأصل، وما عزي إلى النهر من أنه هلاك لم أره فيه، بل المصرح به فيه وفي غيره أنه ليس باستهلاك، ولا يلزم منه أن يكون هلاكا‏.‏ قال في البدائع‏:‏ وإذا حال الحول على مال التجارة فأخرجه عن ملكه بالدراهم أو الدنانير أو بعرض التجارة بمثل قيمته لا يضمن الزكاة؛ لأنه ما أتلف الواجب بل نقله من محل إلى مثله، إذ المعتبر في مال التجارة هو المعنى وهو المالية لا الصورة، فكان الأول قائما معنى فيبقى الواجب ببقائه ويسقط بهلاكه، وأما إذا باعه وحابى بيسير فكذلك؛ لأنه مما لا يمكن التحرز عنه فكان عفوا وإن حابى بما لا يتغابن الناس فيه ضمن قدر زكاة المحاباة، وزكاة ما بقي تتحول إلى العين فتبقى ببقائه وتسقط بهلاكه انتهى‏.‏ والاستبدال قبل الحول كذلك‏.‏ ففي البدائع أيضا‏:‏ لو استبدل مال التجارة بمال التجارة وهي العروض قبل تمام الحول لا يبطل حكم الحول، سواء استبدلها بجنسها أو بخلافه بلا خلاف لتعلق وجوب زكاتها بمعنى المال وهو المالية والقيمة وهو باق، وكذا الدراهم أو الدنانير إذا باعها بجنسها أو بخلافه كدراهم بدراهم أو بدنانير‏.‏ وقال الشافعي‏:‏ ينقطع حكم الحول فعلى قياس قوله لا تجب الزكاة في مال الصيارفة كما إذا باع السائمة بالسائمة‏.‏ ولنا ما قلنا أن الوجوب في الدراهم تعلق بالمعنى لا بالعين والمعنى قائم بعد الاستبدال فلا يبطل حكم الحول، بخلاف استبدال السائمة بالسائمة، فإن الحكم فيها يتعلق بالعين فيبطل الحول المنعقد على الأول ويستأنف للثاني حولا ا هـ‏.‏ فافهم ‏(‏قوله‏:‏ هلاك‏)‏ كذا في بعض النسخ وفي بعضها يعد هلاكا ‏(‏قوله وبغير مال التجارة‏)‏ متعلق بمبتدأ محذوف دل عليه المذكور‏:‏ أي واستبدال مال التجارة بغير مال التجارة استهلاك فيضمن زكاته قال في النهر‏:‏ وقيده في الفتح بما إذا نوى في البدل عدم التجارة عند الاستبدال، أما إذا لم ينو وقع البدل للتجارة‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ أي وإذا وقع البدل للتجارة فلا يكون الاستبدال استهلاكا، فلا يضمن زكاة الأصل لو كان بعد تمام الحول، ولا ينقطع حكم الحول لو كان الاستبدال قبل تمامه بل يتحول الوجوب إلى البدل فيبقى ببقائه ويسقط بهلاكه كما نقلناه صريحا عن البدائع، فما قيل من أنه لا تجب زكاة البدل بهذا الاستبدال بل يعتبر له حول جديد خطأ صريح فافهم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

شمل قوله وبغير مال التجارة ما لو استبدله بعوض ليس بمال أصلا، بأن تزوج عليه امرأة، أو صالح به عن دم العمد، أو اختلعت به المرأة، أو بعوض فهو مال لكنه ليس مال الزكاة بأن باعه بعبد الخدمة أو ثياب البذلة أو استأجر به عينا، فيضمن الزكاة في ذلك كله؛ لأنه استهلاك؛ وكذا لو باع مال التجارة بالسوائم على أن يتركها سائمة لاختلاف الواجب فكان استهلاكا، وتمامه في البدائع‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

حكم النقود مثل مال التجارة، ففي الفتح رجل له ألف حال حولها فاشترى بها عبدا للتجارة فمات أو عروضا للتجارة فهلكت بطلت عنه زكاة الألف، ولو كان العبد للخدمة لم تسقط بموته وتمامه فيه ‏(‏قوله‏:‏ والسائمة بالسائمة‏)‏ الأولى إسقاط قوله بالسائمة ليشمل استبدالها بغير سائمة‏.‏ قال في فتح القدير‏:‏ واستبدال السائمة استهلاك مطلقا سواء استبدلها بسائمة من جنسها أو من غيره أو بغير سائمة دراهم أو عروض لتلقي الزكاة بالعين أولا وبالذات وقد تبدلت، فإذا هلكت سائمة البدل تجب الزكاة‏.‏ ولا يخفى أن هذا إذا استبدل بها بعد الحول، أما إذا باعها قبله فلا حتى لا تجب الزكاة في البدل إلا بحول جديد أو يكون له دراهم وقد باعها بأحد النقدين‏.‏ ا هـ‏.‏ أي فحينئذ يضم ثمنها إلى ما عنده من الدراهم ويزكيه معه بلا استقبال حول جديد، وكذا لو باعها بسائمة وعنده سائمة فإنه يضمها إليها كما قدمناه في فصل السائمة عن الجوهرة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وجاز دفع القيمة‏)‏ أي ولو مع وجود المنصوص عليه معراج، فلو أدى ثلاث شياه سمان عن أربع وسط أو بعض بنت لبون عن بنت مخاض جاز وتمامه في الفتح‏.‏ ثم إن هذا مقيد بغير المثلي، فلا تعتبر القيمة في نصاب كيلي أو وزني، فإذا أدى أربعة مكاييل أو دراهم جيدة عن خمسة رديئة أو زيوف لا يجوز عند علمائنا الثلاثة إلا عن أربعة، وعليه كيل أو درهم آخر خلافا لزفر، وهذا إذا أدى من جنسه، وإلا فالمعتبر هو القيمة اتفاقا لتقوم الجودة في المال الربوي عند المقابلة بخلاف جنسه‏.‏ ثم إن المعتبر عند محمد الأنفع للفقير من القدر والقيمة‏.‏ وعندهما القدر، فإذا أدى خمسة أقفزة رديئة عن خمسة جيدة لم يجز عنده حتى يؤدي تمام قيمة الواجب وجاز عندهما، وهذا إذا كان المال جيدا وأدى من جنسه رديئا، أما إذا أدى من خلاف جنسه فالقيمة معتبرة اتفاقا‏.‏ وإذا أدى خمسة جيدة عن خمسة رديئة جاز اتفاقا على اختلاف التخريج، وتمامه في شرح درر البحار وشرح المجمع ‏(‏قوله في زكاة إلخ‏)‏ قيد بالمذكورات؛ لأنه لا يجوز دفع القيمة في الضحايا والهدايا والعتق؛ لأن معنى القربة إراقة الدم وفي العتق نفي الرق وذلك لا يتقوم بحر عن غاية البيان، ثم قال‏:‏ ولا يخفى أنه مقيد ببقاء أيام النحر، أما بعدها فيجوز دفع القيمة كما عرف في الأضحية‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وخراج‏)‏ ذكره في الشرنبلالية بحثا، لكن نقله الشيخ إسماعيل عن الخلاصة ‏(‏قوله ونذر‏)‏ كأن نذر أن يتصدق بهذا الدينار فتصدق بقدره دراهم أو بهذا الخبز فتصدق بقيمته جاز عندنا، كذا في فتح القدير‏.‏ وفيه لو نذر أن يهدي شاتين أو يعتق عبدين وسطين فأهدى شاة أو أعتق عبدا يساوي كل منهما وسطين لا يجوز؛ لأن القربة في الإراقة والتحرير وقد التزم إراقتين وتحريرين فلا يخرج عن العهدة بواحد، بخلاف النذر بالتصدق بشاتين وسطين فتصدق بشاة بقدرهما جاز؛ لأن المقصود إغناء الفقير وبه تحصل القربة وهو يحصل بالقيمة؛ ولو نذر أن يتصدق بقفيز دقل فتصدق بنصفه جيدا يساوي تمامه لا يجزيه؛ لأن الجودة لا قيمة لها هنا للربوية وللمقابلة بالجنس، بخلاف جنس آخر لو تصدق بنصف قفيز منه يساويه جاز‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وكفارة‏)‏ بالتنوين وغير الإعتاق نعته، ولم يذكر هذا الاستثناء في الهداية والكنز والتبيين والكافي وذكره في غاية البيان كما قدمناه معللا بأن معنى القربة فيه إتلاف الملك ونفي الرق وذلك لا يتقوم شرنبلالية‏.‏ قلت‏:‏ وينبغي استثناء الكسوة لما في البحر عن الفتح، بخلاف ما لو كان كسوة بأن أدى ثوبا يعدل ثوبين لم يجز إلا عن ثوب واحد؛ لأن المنصوص عليه في الكفارة مطلق الثوب لا بقيد الوسط فكان الأعلى وغيره داخلا تحت النص‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وهو الأصح‏)‏ أي كون المعتبر في السوائم يوم الأداء إجماعا هو الأصح فإنه ذكر في البدائع أنه قيل إن المعتبر عنده فيها يوم الوجوب، وقيل يوم الأداء‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي المحيط‏:‏ يعتبر يوم الأداء بالإجماع وهو الأصح ا هـ‏.‏ فهو تصحيح للقول الثاني الموافق لقولهما، وعليه فاعتبار يوم الأداء يكون متفقا عليه عنده وعندها ‏(‏قوله‏:‏ ويقوم في البلد الذي المال فيه‏)‏ فلو بعث عبدا للتجارة في بلد آخر يقوم في البلد الذي فيه العبد بحر ‏(‏قوله‏:‏ ففي أقرب الأمصار إليه‏)‏ أي إلى المفازة، وذكر الضمير باعتبار الموضع‏.‏ وعبارة الفتح إلى ذلك الموضع‏.‏ قال في البحر في الباب الآتي‏:‏ وهذا أولى مما في التبيين من أنه إذا كان في المفازة يقوم في المصر الذي يصير إليه ‏(‏قوله‏:‏ والمصدق‏)‏ بتخفيف الصاد وكسر الدال المشددة‏:‏ هو الساعي آخذ الصدقة، وأما المالك فالمشهور فيه تشديدهما وكسر الدال، وقيل بتخفيف الصاد شرنبلالية عن العناية ‏(‏قوله‏:‏ لا يأخذ إلا الوسط‏)‏ أي من السن الذي وجب، فلو وجب بنت لبون لا يأخذ خيار بنت لبون ولا رديئها بل يأخذ الوسط لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن ‏{‏إياك وكرائم أموالهم» رواه الجماعة ولأن في أخذ الوسط نظرا للفقراء ولرب المال ملا علي القاري‏.‏ وفي الخانية‏:‏ ولا تؤخذ الربى والأكيلة والماخض وفحل الغنم؛ لأنها من الكرائم ا هـ‏.‏ والربى‏:‏ بضم الراء المشددة وتشديد الباء مقصورة، وهي التي تربي ولدها مغرب‏.‏ وفي البدائع قال محمد‏:‏ الربى هي التي تربي ولدها‏.‏ والأكيلة‏:‏ التي تسمن للأكل‏.‏ والماخض‏:‏ هي التي في بطنها ولد، ومن الناس من طعن فيه وزعم أن الربى هي المرباة والأكيلة المأكولة وطعنه مردود عليه، وكان عليه تقليد محمد إذ هو إمام في اللغة أيضا واجب التقليد فيها كأبي عبيد والأصمعي والخليل والكسائي والفراء وغيرهم، وقد قلده أبو عبيد مع جلالة قدره واحتج بقوله وكذا أبو العباس‏.‏

مطلب محمد إمام في اللغة

واجب التقليد فيها من أقران سيبويه وكان ثعلب يقول‏:‏ محمد عندنا من أقران سيبويه فكان قوله حجة في اللغة ا هـ‏.‏ وتمامه فيها ‏(‏قوله‏:‏ ولو كله جيدا فجيد‏)‏ في الظهيرية‏:‏ له نخيل تمر برني ودقل‏.‏ قال الإمام‏:‏ يؤخذ من كل نخلة حصتها من التمر‏.‏ وقال محمد‏:‏ يؤخذ من الوسط إذا كانت أصنافا ثلاثة‏:‏ جيد ووسط ورديء ا هـ‏.‏ وهذا يقتضي أن أخذ الوسط إنما هو فيما إذا اشتمل المال على جيد ووسط ورديء أو على صنفين منها، أما لو كان المال كله كأربعين شاة أكولة تجب شاة من الكرائم لا شاة وسط عند الإمام خلافا لمحمد كما لا يخفى بحر‏.‏ وفي النهر عن المعراج‏:‏ وإن لم يكن فيها وسط يعتبر أفضلها ليكون الواجب بقدره ‏(‏قوله كذا نقله الشافعية‏)‏ وعللوه بأن الحامل حيوانان كما في شرح ابن حجر ‏(‏قوله‏:‏ فليراجع‏)‏ لا يقال‏:‏ تقدم أنه لا تؤخذ الماخض؛ لأن المراد هنا ما إذا كان النصاب كله كذلك، ولا يقال صرحوا بأنه لا زكاة في العوامل والحوامل؛ لأن المراد بها المعدة للحمل على ظهرها والمراد هنا ما في بطنها ولد، لكن إذا كان النصاب كله كذلك فما المانع من أخذها وإن كانت حيوانين، كما لو كانت كلها أكولة فإنها تؤخذ مع كونها من الكرائم المنهي عن أخذها‏.‏ وقول البحر المار آنفا تجب شاة من الكرائم يشمل الحامل فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ فالقيد اتفاقي‏)‏ كذا في البحر ودرر البحار وغيرهما، لكن ظاهر ما في البحر عن المعراج أنه اتفاقي بالنسبة إلى أداء القيمة فإنه قال‏:‏ وأداء القيمة مع وجود المنصوص عليه جائز عندنا ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله من ذات سن‏)‏ أشار بتقدير المضاف تبعا للنهر إلى أن المراد بالسن معناها الحقيقي واحدة الأسنان، لكن قال في المغرب‏:‏ السن هي المعروفة، ثم سمي بها صاحبها كالناب للمسنة من النوق، ثم استعيرت لغيره كابن المخاض وابن اللبون‏.‏ ا هـ‏.‏ زاد في الدرر وذلك إنما يكون في الدواب دون الإنسان؛ لأنها تعرف بالسن ا هـ‏.‏ أي سميت بذلك؛ لأن عمرها يعرف بالسن بخلاف الآدمي، ومقتضاه أنه مجاز في اللغة من إطلاق اسم البعض على الكل كالرقبة على المملوك فلا حاجة إلى تقدير مضاف إلا أن يريد الإشارة إلى تجويز كونه من مجاز الحذف تأمل ‏(‏قوله‏:‏ الأدنى‏)‏ أي وصفا أو سنا وكذا قوله أو الأعلى ‏(‏قوله مع الفضل‏)‏ أي ما يزيد من قيمة الواجب على المدفوع ‏(‏قوله‏:‏ لأنه دفع بالقيمة‏)‏ أي لا يبيع حتى ينافي الجبر ‏(‏قوله‏:‏ ورد الفضل‏)‏ أي استرده ولم يقدروه عندنا بشيء؛ لأنه يختلف بحسب الأوقات غلاء ورخصا‏.‏ وقدره الشافعي بشاتين أو عشرين درهما كما بسطه في العناية وغيرها إسماعيل ‏(‏قوله‏:‏ بلا جبر‏)‏ كذا في الهداية، وبه جزم الكمال والزيلعي‏.‏ وفي النهر عن الصيرفي أنه الصحيح، وقيل الخيار للساعي ذكره محمد في الأصل، وجرى عليه القدوري، واختاره الإسبيجابي، وقيل للمالك في الصورتين، وهو ظاهر المتن كالكنز والدرر والملتقى، وصححه في الاختيار، وذكر في النهاية والمعراج أنه الصواب، ومشى عليه في البحر، وعزاه إلى المبسوط وانتصر في النهر للأول فلذا جزم به الشارح ‏(‏قوله‏:‏ جاز‏)‏ أي بخلاف المثلي كما قدمناه موضحا ‏(‏قوله‏:‏ والمستفاد‏)‏ السين والتاء زائدتان‏:‏ أي المال المفاد ط ‏(‏قوله‏:‏ ولو بهبة أو إرث‏)‏ أدخل فيه المفاد بشراء أو ميراث أو وصية وما كان حاصلا من الأصل كالأولاد والربح كما في النهر ‏(‏قوله إلى نصاب‏)‏ قيد به؛ لأنه لو كان النصاب ناقصا وكمل بالمستفاد فإن الحول ينعقد عليه عند الكمال، بخلاف ما لو هلك بعض النصاب في أثناء الحول فاستفاد ما يكمله فإنه يضم عندنا، وأشار إلى أنه لا بد من بقاء الأصل؛ حتى لو ضاع استأنف للمستفاد حولا منذ ملكه، فإن وجد منه شيئا قبل الحول ولو بيوم ضمه وزكى الكل، وكذا لو وهب له ألف فاستفاد مثلها في الحول ثم رجع الواهب بقضاء استأنف حولا للفائدة، وشمل كلامه ما لو كان النصاب دينا، فاستفاد مائة فإنها تضم إجماعا غير أنه لو تم حول الدين؛ فعند الإمام لا يلزمه الأداء من المستفاد ما لم يقبض أربعين درهما، فلو مات المديون مفلسا سقط عنه زكاة المستفاد وعندهما يجب‏.‏ ا هـ‏.‏ من البحر والنهر ‏(‏قوله‏:‏ من جنسه‏)‏ سيأتي؛ أن أحد النقدين يضم إلى الآخر وأن عروض التجارة تضم إلى النقدين للجنسية باعتبار قيمتها، واحترز عن المستفاد من خلاف جنسه كالإبل مع الشياه فلا تضم بحر ‏(‏قوله ولو أدى إلخ‏)‏ هذا بمنزلة الاستثناء مما في المتن كأنه قال يضم المستفاد إلى جنسه ما لم يمنع منه مانع وهو الثني المنفي بقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لا ثني في الصدقة» ‏(‏قوله‏:‏ لا تضم‏)‏ أي إلى سائمة عنده من جنس السائمة التي اشتراها بذلك النقد المزكى‏:‏ أي لا يزكيها عند تمام حول السائمة الأصلية عند الإمام للمانع المذكور وعندهما يضم، وكذا الخلاف لو باع السائمة المزكاة بنقد بخلاف ما لو أدى عشر طعام أو أرض أو صدقة فطر عبد ثم باع حيث تضم أثمانها إجماعا‏.‏ والفرق للإمام أن ثمن السائمة بدل مال الزكاة وللبدل حكم المبدل منه، فلو ضم لأدى إلى الثني، وكذا جعل السائمة علوفة بعدما زكاها ثم باعها، أو جعل عبد التجارة المؤدى زكاته للخدمة ثم باعه ضم لخروجه عن مال الزكاة فصار كمال آخر، وتمامه في البحر ‏(‏قوله‏:‏ كثمن سائمة مزكاة‏)‏ أي وكالفرع المذكور قبله، ففيه لو ورث سائمة من جنس السائمتين تضم إلى أقربهما أيضا ‏(‏قوله ضمت‏)‏ أي الألف الموروثة إلى أقربهما‏:‏ أي أقرب الألفين الأولين حولا‏.‏ قال في البحر‏:‏ لأنهما استويا في علة الضم وترجح أحدهما باعتبار القرب؛ لأنه أنفع للفقراء ‏(‏قوله‏:‏ وربح كل إلخ‏)‏ قال في البحر ولو كان المستفاد ربحا أو ولدا ضمه إلى أصله وإن كان أبعد حولا؛ لأنه ترجح باعتبار التفرع والتولد؛ لأنه تبع وحكم التبع لا يقطع عن الأصل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أخذ البغاة‏)‏ الأخذ ليس قيدا احترازيا حتى لو لم يأخذوا منه ذلك سنين وهو عندهم لم يؤخذ منه شيء أيضا كما في البحر والشرنبلالية عن الزيلعي‏.‏ والبغاة قوم مسلمون خرجوا عن طاعة الإمام الحق بأن ظهروا فأخذوا ذلك نهر ويظهر لي أن أهل الحرب لو غلبوا على بلدة من بلادنا كذلك لتعليلهم أصل المسألة بأن الإمام لم يحمهم والجباية بالحماية‏.‏ وفي البحر وغيره‏:‏ لو أسلم الحربي في دار الحرب وأقام فيها سنين ثم خرج إلينا لم يأخذ منه الإمام الزكاة لعدم الحماية ونفتيه بأدائها إن كان عالما بوجوبها وإلا فلا زكاة عليه؛ لأن الخطاب لم يبلغه وهو شرط الوجوب‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي متنا في باب العاشر أنه لو مر على عاشر الخوارج فعشروه ثم مر على عاشر أهل العدل أخذ منه ثانيا أي لتقصيره بمروره بهم ‏(‏قوله‏:‏ والخراج‏)‏ أي خراج الأرض كما في غاية البيان‏.‏ والظاهر أن خراج الرءوس كذلك نهر‏.‏ قلت‏:‏ ما استظهره صرح به في المعراج ‏(‏قوله الآتي ذكره‏)‏ أي في باب المصرف ‏(‏قوله فعليهم إلخ‏)‏ أي ديانة كما في بعض النسخ‏.‏ قال في الهداية‏:‏ وأفتوا بأن يعيدوها دون الخراج ا هـ‏.‏ لكن هذا فيما أخذه البغاة لتعليلهم بأن البغاة لا يأخذون بطريق الصدقة بل بطريق الاستحلال فلا يصرفونها إلى مصارفها ا هـ‏.‏ أما السلطان الجائر فله ولاية أخذها وبه يفتى كما نذكره قريبا عن أبي جعفر، نعم ذكر في المعراج عن كثير من مشايخ بلخ أنه كالبغاة؛ لأنه لا يصرفه إلى مصارفه‏.‏ وفي الهداية أنه الأحوط ‏(‏قوله‏:‏ إعادة غير الخراج‏)‏ موافق لما نقلناه عن الهداية‏.‏ قال في الشرنبلالي‏:‏ وعليه اقتصر في الكافي، وذكر الزيلعي ما يفيد ضعفه حيث قال وقيل لا نفتيهم بإعادة الخراج ‏(‏قوله‏:‏ لأنهم مصارفه‏)‏ علة لمحذوف تقديره أما الخراج فلا يفتون بإعادته؛ لأنهم مصارفه، إذ أهل البغي يقتلون أهل الحرب والخراج حق المقاتلة شرح الملتقى ط ‏(‏قوله واختلف في الأموال الباطنة‏)‏ هي النقود وعروض التجارة إذا لم يمر بها على العاشر؛ لأنها بالإخراج تلتحق بالأموال الظاهرة كما يأتي في بابه والأموال الظاهرة هي التي يأخذ زكاتها الإمام وهي السوائم وما فيه العشر والخراج وما يمر به على العاشر؛ ويفهم من كلام الشارح أنه لا خلاف في الأموال الظاهرة مع أن فيها خلافا أيضا‏.‏

مطلب فيما لو صادر السلطان جائرا فنوى بذلك أداء الزكاة إليه

قال في التنجيس والولوالجية‏:‏ السلطان الجائر إذا أخذ الصدقات قيل إن نوى بأدائها إليه الصدقة عليه لا يؤمر بالأداء ثانيا؛ لأنه فقير حقيقة‏.‏ ومنهم من قال‏:‏ الأحوط أن يفتى بالأداء ثانيا كما لو لم ينو لانعدام الاختيار الصحيح، وإذا لم ينو منهم من قال يؤمر بالأداء ثانيا‏.‏ وقال أبو جعفر‏:‏ لا لكون السلطان له ولاية الأخذ فيسقط عن أرباب الصدقة، فإن لم يضعها موضعها لا يبطل أخذه وبه يفتى، وهذا في صدقات الأموال الظاهرة‏.‏ أما لو أخذ منه السلطان أموالا مصادرة ونوى أداء الزكاة إليه، فعلى قول المشايخ المتأخرين يجوز‏.‏ والصحيح أنه لا يجوز وبه يفتى؛ لأنه ليس للظالم ولاية أخذ الزكاة من الأموال الباطنة‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ يعني وإذا لم يكن له ولاية أخذها لم يصح الدفع إليه وإن نوى الدافع به التصدق عليه لانعدام الاختيار الصحيح، بخلاف الأموال الظاهرة؛ لأنه لما كان له ولاية أخذ زكاتها لم يضر انعدام الاختيار ولذا تجزيه سواء نوى التصديق عليه أو لا‏.‏ هذا، وفي مختارات النوازل‏:‏ السلطان الجائر إذا أخذ الخراج يجوز، ولو أخذ الصدقات أو الجبايات أو أخذ مالا مصادرة إن نوى الصدقة عند الدفع قيل يجوز أيضا وبه يفتى، وكذا إذا دفع إلى كل جائر نية الصدقة؛ لأنهم بما عليهم من التبعات صاروا فقراء والأحوط الإعادة ا هـ‏.‏ وهذا موافق لما صححه في المبسوط، وتبعه في الفتح، فقد اختلف التصحيح والإفتاء في الأموال الباطنة إذا نوى التصدق بها على الجائر وعلمت ما هو الأحوط‏.‏ قلت‏:‏ وشمل ذلك ما يأخذه المكاس؛ لأنه وإن كان في الأصل هو العاشر الذي ينصبه الإمام، لكن اليوم لا ينصب لأخذ الصدقات بل لسلب أموال الناس ظلما بدون حماية فلا تسقط الزكاة بأخذه كما صرح به في البزازية فإذا نوى التصديق عليه كان على الخلاف المذكور ‏(‏قوله‏:‏ لأنهم بما عليهم إلخ‏)‏ علة لقوله قبله الأصح الصحة، وقوله بما عليهم تعلق بقوله فقراء ‏(‏قوله‏:‏ حتى أفتي‏)‏ بالبناء للمجهول، والمفتي بذلك محمد بن سلمة، وأمير بلخ هو موسى بن عيسى بن ماهان والي خراسان سأله عن كفارة يمينه فأفتاه بذلك، فجعل يبكي ويقول لحشمه إنهم يقولون لي ما عليك من التبعات فوق ما لك من المال فكفارتك كفارة يمين من لا يملك شيئا‏.‏ قال في الفتح‏:‏ وعلى هذا لو أوصى بثلث ماله للفقراء فدفع إلى السلطان الجائر سقط، ذكره قاضي خان في الجامع الصغير‏.‏ وعلى هذا فإنكارهم على يحيى بن يحيى تلميذ مالك حيث أفتى بعض ملوك المغاربة في كفارة عليه بالصوم غير لازم، لجواز أن يكون للاعتبار المذكور لا لكون الصوم أشق عليه من الإعتاق، وكون ما أخذه خلطه بماله بحيث لا يمكن تمييزه فيملكه عند الإمام غير مضر لاشتغال ذمته بمثله، والمديون بقدر ما في يده فقير ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ قلت‏:‏ وإفتاء ابن سلمة مبني على ما صححه في التقرير من أن الدين لا يمنع التكفير بالمال، أما على ما صححه في الكشف الكبير وجرى عليه الشارح فيما مر تبعا للبحر والنهر فلا ‏(‏قوله‏:‏ لم تقع زكاة‏)‏ في بعض النسخ لم تصح زكاة، وعزا هذا في البحر إلى المحيط‏.‏ ثم قال‏:‏ وفي مختصر الكرخي إذا أخذها الإمام كرها فوضعها موضعها أجزأ؛ لأن له ولاية أخذ الصدقات فقام أخذه مقام دفع المالك‏.‏ وفي القنية‏:‏ فيه إشكال؛ لأن النية فيه شرط ولم توجد منه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ قول الكرخي فقام أخذه إلخ يصلح للجواب تأمل‏.‏ ثم قال في البحر‏:‏ والمفتى به التفصيل إن كان في الأموال الظاهرة يسقط الفرض؛ لأن للسلطان أو نائبه ولاية أخذها، وإن لم يضعها موضعها لا يبطل أخذه وإن كان في الباطنة فلا‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ وفي التجنيس‏)‏ في بعض النسخ لكن بدل الواو وهو استدراك على ما في المبسوط وقد أسمعناك آنفا ما في التجنيس‏.‏ وقد يدعي عدم المخالفة بينهما بحمل ما في التنجيس على ما إذا دفع إلى السلطان مال المكس أو المصادرة ونوى به كونه زكاة ليصرفه السلطان في مصارفه ولم ينو بذلك التصدق به على السلطان، ويؤيد هذا الحمل قوله؛ لأنه ليس له ولاية أخذ الزكاة من الأموال الباطنة فلا ينافي ذلك قول المبسوط الأصح أن ما يأخذه ظلمة زماننا من الجبايات والمصادرات يسقط عن أرباب الأموال إذا نووا عند الدفع التصدق عليهم؛ لأنهم بما عليهم من التبعات فقراء فليتأمل ‏(‏قوله‏:‏ بماله‏)‏ متعلق بخلط، وأما لو خلطه بمغصوب آخر فلا زكاة فيه كما يذكره في قوله كما لو كان الكل خبيثا ‏(‏قوله‏:‏ لأن الخلط استهلاك‏)‏ أي بمنزلته من حيث إن حق الغير يتعلق بالذمة لا بالأعيان ط‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ عند أبي حنيفة‏)‏ أما على قولهما ضمان، وحينئذ فلا يثبت الملك؛ لأنه فرع الضمان، ولا يورث عنه؛ لأنه مال مشترك وإنما يورث عنه حصة الميت منه فتح ‏(‏قوله‏:‏ وهذا إلخ‏)‏ الإشارة إلى وجوب الزكاة الذي تضمنه قوله فتجب الزكاة فيه ‏(‏قوله‏:‏ منفصل عنه‏)‏ الذي في النهر عن الحواشي‏:‏ محل ما ذكروه ما إذا كان له مال غير ما استهلكه بالخلط يفصل عنه فلا يحيط الدين بماله‏.‏ ا هـ‏.‏ أي يفصل عنه بما يبلغ نصابا ‏(‏قوله‏:‏ كما لو كان الكل خبيثا‏)‏ في القنية لو كان الخبيث نصابا لا يلزمه الزكاة؛ لأن الكل واجب التصدق عليه فلا يفيد إيجاب التصدق ببعضه‏.‏ ا هـ‏.‏ ومثله في البزازية ‏(‏قوله‏:‏ كما في النهر‏)‏ أي أول كتاب الزكاة عند قول الكنز وملك نصاب حولي، ومثله في الشرنبلالية، وذكره في شرح الوهبانية بحثا؛ وفي الفصل العاشر من التتارخانية عن فتاوى الحجة‏:‏ من ملك أموالا غير طيبة أو غصب أموالا وخلطها ملكها بالخلط ويصير ضامنا، وإن لم يكن له سواها نصاب فلا زكاة عليه فيها وإن بلغت نصابا؛ لأنه مديون ومال المديون لا ينعقد سببا لوجوب الزكاة عندنا‏.‏ ا هـ‏.‏ فأفاد بقوله وإن لم يكن له سواها نصاب إلخ أن وجوب الزكاة مقيد بما إذا كان له نصاب سواها، وبه يندفع ما استشكله في البحر من أنه وإن ملكه بالخلط فهو مشغول بالدين فينبغي أن لا تجب الزكاة‏.‏ ا هـ‏.‏ لكن لا يخفى أن الزكاة حينئذ إنما تجب فيما زاد عليها لا فيها‏.‏ لا يقال‏:‏ يمكن أن يكون له مال سواها مما لا زكاة فيه كدور السكنى وثياب البذلة مما يبلغ مقدار ما عليه أو يزيد فتجب الزكاة فيها من غير أن يكون له نصاب آخر سواها؛ لأنا نقول‏:‏ إنه لما خلطها ملكها وصار مثلها دينا في ذمته لا عينها، وقدمنا أن الدين يصرف أولا إلى مال الزكاة دون غيره، حتى لو تزوج على خادم بغير عينه وله مائتا درهم وخادم صرف دين المهر إلى المائتين دون الخادم‏:‏ أي فلو حال الحول على المائتين لا زكاة عليه لاشتغالها بالدين مع وجود ما يفي به من جنسه وهو الخادم، وهنا كذلك ما لم يملك نصابا زائدا نعم تظهر الثمرة فيما إذا أبرأه المغصوب منهم كما نقله في البحر عن المبتغى بالغين المعجمة وقال وهو قيد حسن يجب حفظه‏.‏ ا هـ‏.‏ أو إذا صالح غرماءه على عقار مثلا فيبقى ما غصبه سالما عن الدين فتجب زكاته‏.‏ وقد يجاب عن الإشكال كما أفاده شيخنا بأن المراد ما إذا لم يعلم أصحاب المال المغصوب؛ لأن الدين إنما يمنع وجوب الزكاة إذا كان له مطالب من جهة العباد وبجهل أصحابه لا يبقى له مطالب فلا يمنع وجوبها قلت‏:‏ لكن قدمنا عن القنية والبزازية أن ما وجب التصدق بكله لا يفيد التصدق ببعضه؛ لأن المغصوب إن علمت أصحابه أو ورثتهم وجب رده عليهم وإلا وجب التصدق به‏.‏ وأيضا فقد مر أن الأمراء بما عليهم من التبعات، ولا شك أن غالب غرمائهم مجهولون، وتقدم أيضا أن الموصى به للفقراء لو دفعه إلى السلطان الجائر سقط، فجواز أخذه الزكاة لفقره ينافي وجوبها عليه وإن جاز أخذه لها مع وجوبها عليه لعلة أخرى كعدم وصوله إلى ما له كابن السبيل ومن له دين مؤجل تأمل‏.‏

مطلب في التصدق من المال الحرام

‏(‏قوله‏:‏ وفي شرح الوهبانية إلخ‏)‏ فيه دفع لما عسى يورد على قول المتن فتجب الزكاة فيه من أنه مال خبيث فكيف يزكى منه، لكن علمت أنه لا تجب زكاته إلا إذا استبرأ من صاحبه أو صالح عنه فيزول خبثه، نعم لو أخرج زكاة المال الحلال من مال حرام ذكر في الوهبانية أنه يجزئ عند البعض، ونقل القولين في القنية‏.‏ وقال في البزازية‏:‏ ولو نوى في المال الخبيث الذي وجبت صدقته أن يقع عن الزكاة وقع عنها ا هـ‏.‏ أي نوى في الذي وجب التصدق به لجهل أربابه، وفيه تقييد لقول الظهيرية‏:‏ رجل دفع إلى فقير من المال الحرام شيئا يرجو به الثواب يكفر، ولو علم الفقير بذلك فدعا له وأمن المعطي كفرا جميعا‏.‏ ونظمه في الوهبانية وفي شرحها‏:‏ ينبغي أن يكون كذلك لو كان المؤمن أجنبيا غير المعطي والقابض، وكثير من الناس عنه غافلون ومن الجهال فيه واقعون‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ الدفع إلى الفقير غير قيد بل مثله فيما يظهر لو بنى من الحرام بعينه مسجدا ونحوه مما يرجو به التقرب؛ لأن العلة رجاء الثواب فيما فيه العقاب ولا يكون ذلك إلا باعتقاد حله ‏(‏قوله‏:‏ إذا تصدق بالحرام القطعي‏)‏ أي مع رجاء الثواب الناشئ عن استحلاله كما مر فافهم ‏(‏قوله لا يكفر‏)‏ اقتصر على نفي الكفر؛ لأن التصرف به قبل أداء بدله لا يحل وإن ملكه بالخلط كما علمته وفي حاشية الحموي عن الذخيرة‏:‏ سئل الفقيه أبو جعفر عمن اكتسب ماله من أمراء السلطان وجمع المال من أخذ الغرامات المحرمات وغير ذلك هل يحل لمن عرف ذلك أن يأكل من طعامه‏؟‏ قال‏:‏ أحب إلي أن لا يأكل منه ويسعه حكما أن يأكله إن كان ذلك الطعام لم يكن في يد المطعم غصبا أو رشوة ا هـ‏.‏ أي إن لم يكن عين الغصب أو الرشوة؛ لأنه لم يملكه فهو نفس الحرام فلا يحل له ولا لغيره‏.‏ وذكر في البزازية هنا أن من لا يحل له أخذ الصدقة فالأفضل له أن لا يأخذ جائزة السلطان‏.‏ ثم قال‏:‏ وكان العلامة بخوارزم لا يأكل من طعامهم ويأخذ جوائزهم، فقيل له فيه، فقال‏:‏ تقديم الطعام يكون إباحة والمباح له يتلفه على ملك المبيح فيكون آكلا طعام الظالم والجائزة تمليك فيتصرف في ملك نفسه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ولعله مبني على القول بأن الحرام لا يتعدى إلى ذمتين، وسيأتي تحقيق خلافه في البيع الفاسد والحظر والإباحة ‏(‏قوله‏:‏؛ لأنه ليس بحرام بعينه إلخ‏)‏ يوهم أنه قبل الخلط حرام لعينه مع أن المصرح به في كتب الأصول أن مال الغير حرام لغيره لا لعينه بخلاف لحم الميتة وإن كانت حرمته قطعية، إلا أن يجاب بأن المراد ليس هو نفس الحرام؛ لأنه ملكه بالخلط، وإنما الحرام التصرف فيه قبل أداء بدله‏.‏ ففي البزازية قبيل كتاب الزكاة‏:‏ ما يأخذه من المال ظلما ويخلطه بماله وبمال مظلوم آخر يصير ملكا له وينقطع حق الأول فلا يكون أخذه عندنا حراما محضا، نعم لا يباح الانتفاع به قبل أداء البدل في الصحيح من المذهب‏.‏ ا هـ‏.‏

مطلب استحلال المعصية القطعية كفر

لكن في شرح العقائد النسفية‏:‏ استحلال المعصية كفر إذا ثبت كونها معصية بدليل قطعي، وعلى هذا تفرع ما ذكر في الفتاوى من أنه إذا اعتقد الحرام حلالا، فإن كان حرمته لعينه وقد ثبت بدليل قطعي يكفر وإلا فلا بأن تكون حرمته لغيره أو ثبت بدليل ظني‏.‏ وبعضهم لم يفرق بين الحرام لعينه ولغيره وقال من استحل حراما قد علم في دين النبي عليه الصلاة والسلام تحريمه كنكاح المحارم فكافر‏.‏ ا هـ‏.‏ قال شارحه المحقق ابن الغرس وهو التحقيق‏.‏ وفائدة الخلاف تظهر في أكل مال الغير ظلما فإنه يكفر مستحله على أحد القولين‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أن شرط الكفر على القول الأول شيئان‏:‏ قطعية الدليل، وكونه حراما لعينه‏.‏ وعلى الثاني يشترط الشرط الأول فقط وعلمت ترجيحه، وما في البزازية مبني عليه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو عجل ذو نصاب‏)‏ قيد بكونه ذا نصاب؛ لأنه لو ملك أقل منه فعجل خمسة عن مائتين ثم تم الحول على مائتين لا يجوز، وفيه شرطان آخران‏:‏ أن لا ينقطع النصاب في أثناء الحول، فلو عجل خمسة من مائتين ثم هلك ما في يده إلا درهما ثم استفاد فتم الحول على مائتين جاز ما عجل، بخلاف ما لو هلك الكل‏.‏ وأن يكون النصاب كاملا في آخر الحول؛ فلو عجل شاة من أربعين وحال الحول وعنده تسعة وثلاثون، فإن كان دفعها للفقير وقعت نفلا، وإن كانت قائمة في يد الساعي فالمختار كما في الخلاصة وقوعها زكاة، وتمامه في النهر والبحر ‏(‏قوله‏:‏ لسنين‏)‏ بأن كان له ثلثمائة درهم دفع منها مائة درهم عن المائتين عشرين سنة، وقوله أو لنصب‏.‏ صورته أن يدفع المائة المذكورة عن المائتين وعن تسعة عشر نصابا ستحدث فحدثت له في ذلك العام صح، وإن حدثت في عام آخر فلا بد لها من زكاة على حدة كما صرح به في البحر ح لكن المائة التي عجلها تقع زكاة عن المائتين عشرين سنة ويكون من المسألة الأولى، فقد قال في النهر وعلى هذا تفرع ما في الخانية‏:‏ لو كان له خمس من الإبل الحوامل فعجل شاتين عنها وعما في بطونها ثم نتجت خمسا قبل الحول أجزأه، وإن عجل عما تحمل في السنة الثانية لا يجوز ا هـ‏.‏ وذلك؛ لأنه لما عجل عما تحمله في السنة الثانية لم يوجد المعجل عنه في سنة التعجيل فلم يجز عما نوى التعجيل عنه وهذا أراد لا نفي الجواز مطلقا؛ لأنه يقع عما في ملكه في الحول الثاني فيكون من المسألة الأولى؛ لأن التعين في الجنس الواحد لغو‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ لو كان عنده أربعمائة درهم فأدى زكاة خمسمائة ظانا أنها كذلك كان له أن يحسب الزيادة للسنة الثانية؛ لأنه أمكن أن يعجل الزيادة تعجيلا ا هـ‏.‏ وقيد في البحر بكون الجنس متحدا قال‏:‏ لأنه لو كان له خمس من الإبل وأربعون من الغنم فعجل شاة عن أحد الصنفين ثم هلك لا يكون عن الآخر، ولو كان له عين ودين فعجل عن العين فهلكت قبل الحول جاز عن الدين، ولو بعده فلا، والدراهم والدنانير وعروض التجارة جنس واحد‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ لوجوب السبب‏)‏ أي سبب الوجوب وهو ملك النصاب النامي فيجوز التعجيل لسنة وأكثر كما إذا كفر بعد الجرح وكذا النصب؛ لأن النصاب الأول هو الأصل في السببية والزائد عليه تابع له‏.‏ قال في البحر‏:‏ ولا يخفى أن الأفضل عدم التعجيل للاختلاف فيه عند العلماء ولم أره منقولا ‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو عجل‏)‏ التشبيه راجع إلى المسألة الأولى وهي التعجيل لسنة أو سنين؛ لأنه إذا ملك نصابا وأخرج زكاته قبل أن يحول الحول كان ذلك تعجيلا بعد وجود السبب لكونه أداء قبل وقت وجوبه وهنا كذلك؛ لأن وقت أداء العشر وقت الإدراك، فإذا أدى قبله يكون تعجيلا عن وقت الأداء بعد وجود السبب وهو الأرض النامية بالخارج حقيقة، ولا يصح إرجاعه إلى المسألة الثانية؛ لأن صورتها أن يؤدي زكاة نصب ستحدث له في عامه زائدة على ما في ملكه وقت الأداء، والمراد هنا أداء عشر ما خرج في ملكه وقت الأداء قبل وقته لا عشر ما سيحدث له بعد الخروج، وقوله بعد الخروج قبل الإدراك دليل على ما قلنا، وليس في البحر ما يفيد خلاف ذلك فضلا عن التصريح به فافهم ‏(‏قوله‏:‏ بعد الخروج‏)‏ أي خروج الزرع أو الثمر‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ قبل الإدراك‏)‏ أي إدراك الزرع أو الثمر الذي هو وقت أداء العشر، لكن ذكر في البحر في باب العشر أن وقته وقت خروج الزرع وظهور الثمر عند أبي حنيفة وعند أبي يوسف وقت الإدراك‏.‏ وعند محمد عند التنقية والجذاذ ا هـ‏.‏ وعليه فيتحقق التعجيل على قولهما لا على قول الإمام‏.‏ ثم رأيت ابن الهمام نبه على ذلك هناك ‏(‏قوله‏:‏ واختلف فيه قبل النبات وخروج الثمرة‏)‏ الأخصر أن يقول واختلف فيه قبل الخروج أي خروج النبات والثمرة، وأفاد أن التعجيل قبل الزرع أو قبل الغرس لا يجوز اتفاقا؛ لأنه قبل وجود السبب كما لو عجل زكاة المال قبل ملك النصاب ‏(‏قوله‏:‏ والأظهر الجواز‏)‏ في نسخة عدم الجواز وهي الصواب‏.‏ قال في النهر‏:‏ والأظهر أنه لا يجوز في الزرع قبل النبات وكذا قبل طلوع الثمر في ظاهر الرواية‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وكذا لو عجل خراج رأسه‏)‏ هذا التشبيه أيضا راجع إلى المسألة الأولى‏.‏ قال ح‏:‏ فإن من عجل خراج رأسه لسنين صح كما سيأتي في باب الجزية وذلك لوجود السبب وهو رأسه، وكذا لو عجل خراج أرضه عن سنين جاز كما ذكره القهستاني في باب العشر والخراج، وعلله بوجود السبب وهو الأرض النامية، لكن يجب حمل كلامه على الموظف لتعلقه بالقدرة على النماء فيكون سببه الأرض النامية بإمكان النماء لا بحقيقته كالعشر وخراج المقاسمة تأمل ‏(‏قوله‏:‏ وتمامه في النهر‏)‏ حيث قال‏:‏ ولو نذر صوم يوم معين فجعله جاز عند الثاني خلافا لمحمد‏.‏ وعلى هذا الخلاف الصلاة والاعتكاف، ولو نذر حج سنة كذا فأتى به قبلها جاز عندهما خلافا لمحمد كذا في السراج‏.‏ ا هـ‏.‏ ح ‏(‏قوله‏:‏ قبل تمام الحول‏)‏ أي أو قبل ملك النصب التي عجل زكاتها في المسألة الثانية كما يؤخذ من التعليل ‏(‏قوله‏:‏ لأن المعتبر كونه مصرفا وقت الصرف إليه‏)‏ فصح الأداء إليه ولا ينتقض بهذه العوارض بحر ‏(‏قوله‏:‏ ولو غرس إلخ‏)‏ هذه المسألة استطردها ومحلها العشر والخراج ط ‏(‏قوله‏:‏ فما لم يتم‏)‏ أي يثمر، وبه عبر في بعض النسخ ‏(‏قوله‏:‏ كان عليه خراج الزرع‏)‏؛ لأن في غرسه الكرم تعطيل الأرض‏.‏ ومن عطل أرض الخراج يجب عليه خراجها، وقد كانت صالحة للزرع فيؤدي خراجه حتى يثمر الكرم فعليه خراج الكرم ويسقط عنه خراج الزرع لوجود خلفه فخراج الزرع صاع ودرهم في كل جريب فيؤديه إلى أن يتم الكرم فيؤدي عشرة دراهم رحمتي‏.‏

‏(‏قوله ولا شيء في مال صبي تغلبين‏)‏ أي في مال الزكاة، بخلاف الخارج في أرضه العشرية من الزروع والثمار ففيه ضعف العشر كما يجب العشر في أرض الصبي المسلم كما يأتي في بابه ‏(‏قوله‏:‏ لبني تغلب‏)‏ الأولى حذف بني فإن النسبة لتغلب وهو أبو القبيلة كما في المنح ط‏.‏ وقد يقال‏:‏ لا مانع من النسبة إلى القبيلة المنسوبة إلى أبيها ‏(‏قوله‏:‏ قوم إلخ‏)‏ قال في الفتح‏:‏ بنو تغلب عرب نصارى هم عمر رضي الله عنه أن يضرب عليهم الجزية فأبوا قالوا نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم ولكن خذ منا ما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة، فقال عمر‏:‏ لا هذه فرض المسلمين، فقالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل وتراضى هو وهم أن يضعف عليهم الصدقة‏.‏ وفي بعض طرقه‏:‏ هي جزية سموها ما شئتم ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله‏:‏ ما على الرجل منهم‏)‏ وهو نصف العشر ح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويؤخذ الوسط‏)‏ مكرر مع قوله فيما تقدم والمصدق يأخذ الوسط ح ‏(‏قوله إلا أن يجيز الورثة‏)‏ أي إذا أوصى بها وزادت على الثلث يؤخذ الزائد إلا أن يجيز الورثة‏.‏

‏[‏فرع‏]‏

لو زادت على الثلث وأراد أن يؤديها في مرضه يؤديها سرا من ورثته، وإن لم يكن عنده مال استقرض من آخر وأدى الزكاة إن كان أكبر رأيه أنه يقدر على قضائه، فإن اجتهد ولم يقدر حتى مات فهو معذور كذا في مختارات النوازل وغيرها‏.‏ وظاهر قولهم سرا أن الورثة إن علموا بذلك كان لهم أخذ الزائد قضاء وأن ما فعله المورث جائز ديانة لكونه مضطرا إلى أداء الفرض كما علل به في شرح الكافي قائلا وهو الصحيح‏.‏ قال في شرح الوهبانية‏:‏ ويمكن التوفيق بين القولين بالقضاء والديانة أي بحمل القول باعتبارها من الثلث المقابل للصحيح على أنه في القضاء والأول على الديانة وهو مؤيد لما قلنا ‏(‏قوله‏:‏ وسيجيء الفرق في العنين‏)‏ عبارته مع المتن وأجل سنة قمرية بالأهلة على المذهب وهي ثلثمائة وأربع وخمسون وبعض يوم، وقيل شمسية بالأيام وهي أزيد بأحد عشر يوما‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم إن هذا إنما يظهر إذا كان الملك في ابتداء الأهلة، فلو ملكه في أثناء الشهر، قيل يعتبر بالأيام، وقيل يكمل الأول من الأخير ويعتبر ما بينهما بالأهلة نظير ما قالوه في العدة ط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن وقتها العمر‏)‏ قال في البحر عن الواقعات‏:‏ فرق بين هذا وبين ما إذا شك في الصلاة بعد ذهاب الوقت أصلاها أم لا‏؟‏ والفرق أن العمر كله وقت لأداء الزكاة فصار هذا بمنزلة شك وقع في أداء الصلاة في وقتها، ولو كان كذلك يعيد ا هـ‏.‏ قال في البحر‏:‏ وقعت حادثة هي أن من شك هل أدى جميع ما عليه من الزكاة أم لا بأن كان يؤدي متفرقا ولا يضبطه هل يلزمه إعادتها ومقتضى ما ذكرنا لزوم الإعادة حيث لم يغلب على ظنه دفع قدر معين؛ لأنه ثابت في ذمته بيقين فلا يخرج عن العهدة بالشك‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وحاصله أنه يتحرى في مقدار المؤدى‏:‏ كما لو شك في عدد الركعات، فما غلب على ظنه أنه أداه سقط عنه وأدى الباقي، وإن لم يغلب على ظنه شيء أدى الكل، والله تعالى أعلم‏.‏